روحانية الإسلام.. والشعر والرواية في مناقشات «الكبسولة الأدبية»
فاطمة عطفة (أبوظبي)
ضمن مبادرة «عام 2016.. عام القراءة»، أطلق صالون الملتقى الأدبي مبادرة «الكبسولة الأدبية»، بهدف تعزيز أهمية القراءة وتنمية الفكر واكتساب المهارات بغية تحويل القراءة إلى عادة يومية. وقام أصدقاء وضيوف الصالون، كلّ على حدة، وفي كبسولة لا تتجاوز الخمس دقائق، بترشيح أكثر كتاب من الجنس الأدبي تأثيراً من وجهة نظر كل ضيف، وهو ما تجلى واضحاً في الندوة التي عقدت مساء أمس الأول، في قاعة «الجزيرة» في قصر الإمارات، وعكست جوانب متعددة وعميقة من الفكر والمعرفة. وقد افتتحت أسماء صديق المطوع، مؤسسة ومديرة صالون الملتقى الأدبي في أبوظبي، الحفل بكلمة رحبت فيها بالضيوف المشاركين، وعبرت عن استجابة الملتقى لمبادرة «عام القراءة»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مشيرة إلى أن الملتقى في سنواته العشرين كان بمثابة عبور جسر أوصلنا إلى قناعة أن القارئ الجيد يكون مواطناً جيداً. وأكدت المطوع، أن إصلاح الإنسان يتم بتعليمه وتثقيفه، مضيفة أنها أرادت من وراء اختيار «الكبسولة»، أن تطرح معنى مجازياً للعلاج، فكما تعالج كبسولة الدواء سقم الجسد، يمكن لكبسولة الثقافة أن تستنهض الهمم وتقوي مناعة المجتمع، منوهة بأن الكلمات التي ستلقى في الندوة ستطبع في كتاب.
واستهلت الجلسة بكلمة للدكتور عدنان الباجه جي، السياسي العراقي والمثقف البارز، تحدث فيها عن مقدمة ابن خلدون وأهميتها في نشوء الدول وتطور الأمم. واعتبر أن المقدمة من أهم الكتب على مر العصور، حيث أعادت النظر إلى التاريخ بأسلوب يصف رحلة الإنسان إلى التمدن، حتى اعتبر بحق مؤسس علم الاجتماع، مشيراً إلى ثقافة «ابن خلدون» الإسلامية العميقة، وتأثره بفكر ابن رشد. كما تناول د. زكي نسيبة كتاب «حلم التنوير» الذي استعرض فيه مؤلفه عدداً من مفكري عصر التنوير في أوروبا، ورأى د. نسيبة «أننا نحتاج لقراءة مثل هذه الكتب عسى أن نحقق نقلة حضارية كما حققها الغرب».
وتطرق السفير التشيكي ألكساندر سبوريس في الحديث إلى ميلان كونديرا وكافكا، واختار آخرون الحديث عن الشعر والرواية، معبرين عن إعجابهم بمبدعين من أمثال محمود درويش والشاعر الفرنسي شاتوبريان، بينما تحدثت الشاعرة والإعلامية بروين حبيب عن صعوبة اختيار الرواية الأهم، مشيرة إلى أنها قرأت نحو 150 رواية في السنة الماضية حين كانت في لجنة تحكيم البوكر، ثم توقفت قليلًا مع الروائي الجزائري واسيني الأعرج، معتبرة أن «شرفات بحر الشمال» من أجمل أعماله.
وتحدث البروفيسور فيليب كينيدي عن أهمية القصص القرآني، كما تحدث الشاعر وليد علاء الدين عن «زهرة العمر» لتوفيق الحكيم.
وتابع الضيوف تقديم اختياراتهم لأهم الكتب التي تأثروا بها، فتحدث الناقد والباحث د. سلطان العميمي عن كتاب «نظرة العرب إلى الشعوب المغلوبة من الفتح إلى القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي»، مبيناً أهمية هذا الكتاب وأسلوبه في البحث والتوثيق، إضافة إلى القيمة الأدبية والإنسانية التي تناولتها مؤلفة الكتاب الشافية حداد السلامي من تونس.
واختار د. سعيد حمدان، مدير جائزة الشيخ زايد للكتاب، الحديث عن أمين معلوف، مشيراً إلى أهمية أعماله مثل الحروب الصليبية، وسمرقند، وليون الإفريقي، قائلاً: «سوف أتوقف عند آخر عمل لأمين معلوف (التائهون) وهي رواية عميقة، تشد القارئ وكأن الكاتب يروي سيرته.
واستهل الكاتب الصحفي محمد الحمادي، رئيس تحرير جريدة «الاتحاد» حديثه قائلاً: «لا شك أن هناك كتباً سنقتنيها بعد هذه الكبسولات الرائعة». وأضاف: أقرأ حالياً كتاب (المستقبل الروحاني للإسلام) للكاتب الفرنسي إيرك جوفروا، وهو كاتب فرنسي أسلم وتصوف بعد بحثه في الأديان، وتأتي أهمية هذا الكتاب لأننا في وقت موجة من العنف والتطرف نعيشها اليوم في منطقتنا، وهذا التهديد الكبير الذي نواجهه كمجتمعات عربية، ليس وليد «الربيع العربي» لأن جذوره قديمة، وقد ذهبنا طويلاً في هذا التطرف الفكري الذي نعاني منه، واستطاع أن يسحب العديد من الشباب». واستطرد الحمادي: «السؤال الذي يُطرح في بالي دائماً هو: إلى متى وكيف نعود من هذا اليمين الشديد والمتطرف؟»، وأضاف «الإشكالية التي نعيشها اليوم هي إشكالية استغلال الدين في المنطقة، كل العنف الذي نعاني منه سببه أن مجموعة نجحت-للأسف الشديد- في أن تختطف الدين وتأخذ منه ظاهره»، ولفت إلى أن مؤلف هذا الكتاب ليس عربياً وليس مسلما في الأصل، وإنما دخل الإسلام عن قناعة، عن فهم، وعن قراءة. وختم الحمادي «مشكلتنا نحن اليوم في هذه المنطقة أننا تبعنا الدين ونسينا الله، هذه هي الإشكالية، نظرنا إلى الأديان والعقائد وإلى الكثير من التفاصيل، ولكن أين الروح في هذا الأمر؟ هذا الكتاب يحاول أن يعيدنا ويقول بأن نركز على هذا الجانب للخروج من حالة التطرف والإرهاب، مع ضرورة العودة إلى الروحانيات».
وتحدث الشاعر كريم معتوق عن الكتب التي أثرت في تجربته الروائية والشعرية، قائلاً: «قرأت السياب فتحولت إلى شعر التفعيلة بعد الشعر العمودي. أما الكتاب الثاني فهو «سمرقند» لأمين معلوف، عندما قرأته شعرت أن المثقف مثل الإسفنجة يمتص الأحداث فتخرج حصيلة الأفكار، رواية «سمرقند» جعلتني أفكر في كتابة الرواية، أو أغرتني فكتبت روايتي الأولى والثانية».
وتواصلت جلسة الملتقى بحيث قدم كل مشارك لمحة عن أهم قراءاته، وتحدثت د. كريمة الشوملي عن الجماليات والطقوس في دولة الإمارات (الأنثروبولوجيا) الطعام والزينة الشخصية بين النساء العربيات، وهو كتاب باللغة الإنجليزية للمؤلفة عايدة كنفاني.
واختتمت جلسة القراءات الفكرية بلمحة عن رواية «أولاد الغيتو.. اسمي آدم» للروائي إلياس خوري التي قدمتها باسم عضوات الملتقى الأدبي د. هناء صبحي المدرسة في جامعة السوربون أبوظبي، مستعرضة بلمحات ما ورد منها في بعض الفصول.