تلوين الرواية - بقلم أسماء صديق المطوع - معرض ابوظبي الدولي للكتاب 2011
ندما فكّرتُ ذات يوم بالمستويات المتعددة لقراءة النصّ المدوّن، قلت في نفسي، لنفعلها مع الرواية، وهي الجنس الإبداعي الأكثر حضوراً وتأثيراً على الساحة الثقافية، فنقوم بتدوينها بصرياً.
كانت فكرة خطرت بسرعة ولكنها ليست سهلة كما تبدو، بل تحتاج إلى المثابرة والعمل مع ذوي الإختصاص، وهذا ما فعلته بعد أن نضجت تصوّراتي عن الموضوع وشرعت في الحال بدراسة إمكانية تنفيذها وتحويلها إلى واقع يمكننا تلمّس نتائجه عن كثب.
المعاني والأفكار مطروحة في الشوارع والأسواق كما يقول الجاحظ، ولكن اكتشافها والقبض عليها واختيار المناسب منها يحتاج إلى كثير من التب صّ، وبمجرد أن طرحتُ الفكرة حتى وجدتُ قبولاً ودعماً وتأييداً من أعضاء الملتقى حيث رأوا أنها بارعة ويجب أن لا أتردد في تنفيذها وإخراجها على الوجه الذي تستحقه.
كما توصّلت برسالة من اليونسكو تدعمها وتؤيدها بشدة وتجد فيها إثراءً وافراً لجمالية النصّ المدوّن وإخراجه في حلّة تمنح إمكانية قراءته بمستوى جديد.
فاتصلت بالصديقة الفنانة كريمة الشوملي والتي أحرص في هذه المقدمة على شكرها والثناء على ما قامت به من التواصل مع مجموعة من الفنانين التشكيليين الإمارتيين وفعل اللازم من أجل تسهيل مراحل إنجاز العمل.
وإيمانا مني بضرورة التعريف والإشادة بمشاريع فيها بعض المماثلة مع مشروعنا )تلوين الرواية( أودّ الإشارة إلى مجموعة من التجارب المشتركة بين الجانب التدويني من العملية الإبداعية والجانب البصري، كتجارب الفنان ضياء العزاوي في كتبه التي دوّن فيها بصريّاً مجموعة من الشعراء كأدونيس ومحمد بنيس وقاسم حداد،
والمعلّقات، وتجارب رافع الناصري مع الشاعرة مي مظفر، أو تجارب محمد القاسمي وعمرو هيبة وأتيل عدنان، ولكنها برغم ذلك كانت فردية في مناخها العام وتكون غالباً مقتصرة على النصوص الشعرية دون غيرها من الأجناس الأدبية الأخرى.
لم يكن للمشروع أن يكتمل لولا الإستجابة والتلبية السريعة والنبيلة من الفنانين التشكيليين واستعدادهم للمشاركة إيماناً منهم بضرورة تنويع الفعل الثقافي وجعله مشرعاً أمام خيارات جديدة للتعبير.
إنها تجربة أتمنى أن يسهم الملتقى في تكرارها وجعلها تقليداً ثقافيّاً يقرّب بإيجابية كبيرة بين الجنسيْ الإبداعيين: المُدوَّن والبصري