2017-04-26
00:45:37

عن طريق الحرير

اعتاد البر منذ القدم عى الترحال من مكان إلى آخر وإقامة علاقات تجارية مع من جاورهم من الأقوام متبادلن السلع والمهارات والأفكار. فشُقت في المنطقة الأوروبية الآسيوية على مر التاريخ طرق للمواصلات ودروب للتجارة تشابكت وترابطت مع الوقت لتشكل
ما يُعرف اليوم بتسمية “طرق الحرير”؛ وهي طرق برية وبحرية تبادل عبرها الناس من كل
أصقاع العالم الحرير وغيره الكثير من السلع.
وتُعتر الطرق البحرية جزءاً لا يستهان به من هذه الشبكة فمثّلت حلقة وصل ربطت الشرق بالغرب عن طريق البحر واستُخدمت على الأخص لتجارة التوابل بحيث بات اسمها الشائع “طرق التوابل”.
ولم تحمل هذه الشبكات الواسعة في طياتها السلع والبضائع الثمينة فحسب وإنما أتاحت أيضاً تناقل المعارف والأفكار والثقافات والمعتقدات بفضل حركة الشعوب المستمرة واختلاطهم المتواصل مما أثر تأثراً عميقاً في تاريخ شعوب المنطقة الأوروبية الآسيوية وحضاراتهم. ولم تكن التجارة وحدها هي التي جذبت المسافرين المرتحلن على طول
طرق الحرير وإنما التلاقح الفكري والثقافي الذي كان أيضاً سائداً في المدن المحاذية لهذه الطرق حتى أن العديد من هذه المدن تحوّل إلى مراكز للثقافة والتعلم. وشهدت المجتمعات القاطنة على امتداد هذه الطرق تبادلاً وانتشاراً للعلوم والفنون والأدب ناهيك عن الحرف اليدوية والأدوات التقنية، فما لبثت أن ازدهرت فيها اللغات والأديان والثقافات وتمازجت.
ويُعتبر مصطلح “طريق الحرير” في الواقع مصطلحا حديث العهد نسبيا إذ لم تحمل هذه الطرقُ القديمة طوال معظم
تاريخها العريق اسما بعينه. وفي أواسط القرن التاسع عشر، أطلق العالم الجيولوجي الألماني، البارون فرديناند فون ريشتهوفن، اسم “دي سيدينس راس” )أي طريق الحرير بالألمانية( عى شبكة التجارة والمواصلات هذه ولا تزال هذه التسمية المستخدمة أيضاً بصيغة الجمع تلهب الخيال بما يلفها من غموض موحٍ.